الإخفاق ليس فشلاً
خسر
في مجال الأعمال وهو في الحادية عشرة من عمره.
انهزم
في انتخابات تشريعية وهو في الثانية والعشرين من عمره.
أخفق
ثانية في مجال الأعمال وهو في الرابعة والعشرين.
أصابه
انهيار عصبي وهو في السابعة والعشرين.
خسر
في انتخابات الكونجرس وهو في الرابعة والثلاثين.
خسر
في انتخابات الكونجرس وهو في السادسة والثلاثين.
خسر
في انتخابات مجلس الشيوخ وهو في الخامسة والأربعين.
أخفق
في محاولته الحصول على منصب نائب الرئيس وهو في السابعة والأربعين.
خسر
في انتخابات مجلس الشيوخ وهو في التاسعة والأربعين.
تم
انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة وهو في الثانية والخمسين من عمره.
هذا
الرجل هو أبراهام لنكولن.
هذه
القصة التي قرأتها في كتاب أنتوني روبنز في كتابه (قدرات غير محدودة) تثبت لنا أن
الإخفاق مرحلة عابرة لأي إنسان يبتغي النجاح حيث يختلف الأشخاص في مواجهتهم للمحن
فمنهم من يضعف مع أول مواجهة فيعتقد أنه فشل, ومنهم من يتغلب على هذه المحنة
فيتجاوزها ويقهر الفشل, ثم يجب أن نستوعب أن الهزائم التي تمر بنا والانتكاسات
التي نتعرض لها ما هي إلا مرحلة عابرة للوصول للنجاح ولعل أصدق مثال لذلك قوله
تعالى
( فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا )
حيث جعل سبحانه وتعالى مع
العسر يسرين.
وقد
نتجاوز الكثير من الأمم في التغلب على الفشل إذا فهمنا أننا مأجورون في الصبر على
المصيبة ومن ثم نبدأ جولات أخرى من السعي في الحياة قد تتحول فيه النقمة إلى
نعمة,
وهذا ما حدث مع عمر بن الخطاب الذي ذهب إلى عثمان بن عفان رضي
الله عنهما حتى يزوجه ابنته حفصة – التي ترملت - إلا أن عثمان – الذي
توفيت زوجته أيضًا- لاذ بالصمت.
فخرج عمر متجهًا نحو صديقه أبي بكر وعرض عليه
الزواج أيضًا من ابنته ولكن الصديق هو الآخر لم يحر جوابًا فحزن عمر
لأن أصدقاءه أعرضوا عن طلبه بأن يتزوج أحدهما ابنته وحزن على حزن ابنته التي
فقدت زوجها, لكنه رضي الله عنه لم ييأس أو يحبط بل ذهب إلى الرسول صلى الله عليه
وسلم يشكو إليه ما فعل الصديقان فقال له الرسول الكريم «لعل الله يزوج حفصة
ممن هو خير من عثمان، ولعله يزوج عثمان من هي خير من حفصة. فنزلت كلمات الرسول
عليه الصلاة والسلام على قلبه بردًا وسلامًا فمن هو خير من عثمان وأبي بكر إلا
الرسول نفسه، ومن هي خير من ابنته إلا أنه يريد أن يزوج ابنته الأخرى إلى عثمان بن
عفان (أم كلثوم) ليصبح ذا النورين , وبالفعل تزوج الرسول منها.
إن
هذه القصة التي وردت في كتب السير تكشف لنا أن الإخفاق ليس فشلاً,
لأنه مرحلة من مراحل الحياة الكثيرة ولو يأس عمر رضي الله عنه
من المحاولة الأولى لربما أصيب بالإحباط وتوقف عن عرض ابنته
للزواج بل إن ذلك الإخفاق قد يُكسب الإنسان تجربة جديدة وخبرة في مناحي
الحياة فتتكشف له الكثير من أخلاق الناس وطباعهم وجشعهم ونزواتهم وتتيح له فرصة
سبر أغوار المحيط البشري الغامض وفك أسرار الحياة.
لقد
مر صاحب هذه الكلمات بالعديد من التجارب والإخفاقات
على الصعيد الشخصي والتجاري
والإعلامي,
وهي وإن كانت صادمة ومحبطة إلا أنها كانت كالأمراض
الفيروسية تصيب ثم تترك مناعة في الجسم وحصانة من الإصابة بها مرة أخرى,
فالعديد
من الصداقات الشخصية فقدت ثقتي فيها يومًا ما حينما وجدت أنني أواجه (أعداء) ثم
تعرضت لانتكاسات مريرة في أكثر من مشروع تجاري أعزوها لضعف خبرتي بالاقتصاد وانصراف
ذهني عنه, ثم خروجي من إحدى الصحف المحلية إثر نشر خبر مثير – ليس هنا مجال
تبرير صحته- ومع ذلك فإني لا زلت قادرًا على خوض غمار الكثير من التجارب المشابهة
بأساليب وأفكار جديدة, ولولا بعض التحفظ مني وربما من المجلة لسردت المزيد من
خيبات الأمل المثيرة حتى يعلم (من يوصم نفسه بالفشل) أن المبدعين لم يولدوا
كذلك وأنه ليس هناك فشل على الإطلاق وأن مخترع المصباح الكهربائي(أديسون) فشل في
999 محاولة وجاءت ضربة النجاح في المحاولة رقم 1000.
إن
كل إنسان منا قد مر بتجارب ربما تكون أدهى مما ذُكر ولكن السؤال:
هل حوّلنا
هذه المرارات الى شراب حلو؟!
وهل حاولنا تطويع (درجات) الفشل للوصول إلى
(سلم النجاح.
والإنسان الواعي يجب ألا يركن إلى التبرير والأعذار وتحميل الأقدار
على طول الخط.
منقول للفائدة